((  سايكولوجية العنف وثقافة التطرف ))

الأثنين 16 محرم 1425 هـ  –  8 آذار 2004 م

    ضمن النشاطات الدورية التي يقيمها مركز البحوث النفسية عقدت الحلقة النقاشية (( سايكولوجية العنف وثقافة التطرف )) يوم الأثنين الموافق السادس عشر من محرم 1425 هـ ، الثامن من  آذار عام 2004 م ، في تمام الساعة العاشرة صباحا وعلى قاعة المرحوم الدكتور علي الوردي في المركز. وقد شارك في هذه الحلقة كل من:

1- الدكتور غسان حسين سالم – معاون مدير عام مركز البحوث النفسية.

2- الدكتور حاتم جاسم مخلص – أمين عام الحركة الوطنية العراقية .

3- الدكتور توفيق يونان عبو – التدريسي في كلية العلوم السياسية / أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية.

4- الدكتورة شهرزاد عبد الكريم – رئيس قسم علوم القرآن / كلية التربية للبنات/      جامعة بغداد

5- الدكتور متي ناصر مقادسي –  أستاذ الفيزياء في كلية العلوم/ جامعة بغداد.

6- الدكتورة نبأ عبد الحسين – التدريسية في قسم العلوم التربوية والنفسية /           كلية التربية للبنات/ جامعة بغداد.

7- الدكتورة ليلى أحمد عزت – الاستاذة في قسم العلوم التربوية والنفسية /           كلية التربية للبنات/ جامعة بغداد. 

 
لقد هدفت هذه الحلقة الى تسليط الضوء على موضوع في  غاية الاهمية والذي بدت معالمه وآثاره واضحة في بنية المجتمع العراقي  في أعقاب التغيير وسقوط النظام في 9/4/2004، والذي يمثل ظاهرة طارئة لم تـُؤشر عليه سابقاً، وقد أرتبط ذلك بعوامل ومتغيرات كثيرة مما يحتاج الى وقفة وتأمل علمي واجراء تحليل موضوعي يساعد على تحديد الآليات التنفيذية التي تساعد في تحجيم اثار ذلك واجراء ما يناسب وحجم هذه الظاهرة التي تهم كل شرائح المجتمع ومنها المؤسسة الاكاديمية والبحثية وطبيعة الدور الذي يمكن ان تقوم به وتقدمه في مسيرة المجتمع في إطار بناء العراق الجديد.

 في بدء اعمال الحلقة النقاشية تم قراءة الرسالة الموجهة من قبل الاستاذ الدكتور الحارث عبد الحميد حسن مدير عام المركز الى المشاركين في الحلقة النقاشية يقدم فيها اعتذاره عن المشاركة لسفره بزيارة علمية رسمية الى دولة الإمارات العربية المتحدة، تمنى فيها لجميع الباحثين والحضور الصحة والتوفيق والأمان، والدعوة لمناقشة موضوع العنف والتطرف بعقلانية وحيادية واستقلالية وبدافعية الباحث العلمي ومن خلال الدراسة المعمقة للظواهر والاحداث، لتعزيز مسيرة المواطن واستقرار الوطن وخدمة للعراق الجديد .. عراقٍ حر وديمقراطي موحد.
تضمنت الحلقة النقاشية ثلاثة محاور أساسية وكما يلي:
المحور الاول :
  المحور السياسي والقانوني والاقتصادي

بهدف تحليل الدوافع والابعاد التي تكمن وراء سايكولوجية العنف وثقافة التطرف ، كان لا بد من تأشير الدوافع والعوامل الكامنة والمحركة لها في الاطار السياسي والقانوني والاقتصادي، وقد عالج هذا الموضوع كل من الدكتور حاتم جاسم مخلص والدكتور توفيق يونان عبو.

 وقد تم خلال الاوراق التي القيت تأشير عدد من العوامل التي اسهمت في خلق الاوضاع المربكة وسيادة العنف،  ومن جملة ما تم تحديده الاتي:
 1-  الانفلات الامني والفراغ السياسي

 2-  الاوضاع التي سادت العراق خلال العقود الماضية

 3-  غياب وضعف اجهزة الدولة في مجال الامن والشرطة .

 4-  عدم ضبط الحدود ودخول عناصر ذات مصالح واهداف شريرة

 5-  تحرك النوازع الشريرة لكل حالات التطرف والانحراف.

 6-  المشاكل الاقتصادية التي بدأ يعاني منها المواطن ، ومنها البطالة.
وقد توصل الباحثان الى استنتاجات واقتراحات لمواجهة هذه الحالة الاستثائية من خلال التأكيد على الدور الاساسي للانسان العراقي بمختلف اتجاهاته السياسية والدينية والقومية وضرورة رفع شعار المواطن والوطنية.
وقد أكد الدكتور غسان حسين سالم الذي أدار الحلقة النقاشية على ضرورة ايجاد صيغ  عملية تنفيذية تساعد متخذ القرار في ايجاد وسائل وبرامج تخفف من حالة التوتر والعنف وتشيع ثقافة المحبة والتسامح وتقبل الذات والاخر في اطار من لغة الحوار التي تشكل اساسا في بناء معطيات الانسان الجديد في ظل مجتمع متعدد الالوان والاطياف في إطار وطن موحد يستظل فيه الجميع.
المحور الثاني :
  المحور العقائدي

  تم خلال هذا المحور تسليط الضوء على دور الدين والعقيدة في بناء الانسان وترسيخ قيم الخير والمحبة والسلام ، وضرورة استثمار المنظومة المعرفية والقيمية التي تشترك الاديان فيها والاسلام على وجة الخصوص لما رسمه الاسلام  لمسيرة الانسان سواء كان ذكراً ام انثى والتي يتسم بها غالبية الشعب العراقي .
  وقد شارك في تناول هذا المحور كل من الدكتورة شهرزاد عبد الكريم رئيس قسم علوم القران – كلية التربية ، التي سلطت في ورقتها الضوء على الجهود المبذولة من قبل الخيرين من ابناء الوطن للحد من ظاهرة العنف وثقافة التطرف وقد اوردت نصوص قرانية للتحلي بهذه الصفات والاخذ بها لخلق مجتمع سليم متعاون ومتكافل اجتماعياً من اجل العيش في حياة تتسم بالعزة والكرامة وقد اكدت ان الاسلام يرفض جميع اشكال العنف والتطرف والارهاب ويدعو الى السلام والرفق واللين والرحمة.
     وقد اكمل هذا المحور الاستاذ الدكتور متي ناصر مقادسي استاذ الفيزياء في كلية العلوم /جامعة بغداد ، الذي استعرض وجهة نظر الاديان الاخرى وخصوصاً الدين المسيحي في نبذها لسياسات العنف والتطرف والاضطهاد الفكري ونبذها للعنف المادي والمعنوي والاجتماعي والسياسي والديني. وان العنف والاضطهاد ليس الا آلة لهدم الطاقات وانحدار الشعوب نحو العودة الى شريعة الغاب والتخلف وضرورة العمل الصالح لبناء العلاقات الصحيحة في إطار من الحوار الهادئ وفي جو تسوده المودة والسلام.
وقد تم التوصل الى اهمية دور الدين في هذه المرحلة في تحجيم حالات الانحراف والتطرف ومن خلال المساهمة الفاعلة لكل المعنيين بهذا الموضوع من أجل إشاعة ثقافة الخير والمحبة والسلام والتعاون والتكافل الاجتماعي على مستوى المؤسسات المختلفة وعموم افراد المجتمع. فإشاعة الثقافة المعاكسة للعنف والتطرف هي الحل الامثل للوصول الى صيغ ايجابية في هذا المجال من خلال وضع آليات تشمل التربية والمناهج وإلاعلام ومتابعة كل ما من شأنه ان يطوق الظاهرة ويحد من انتشارها.
المحور الثالث :
  المحور النفسي والاجتماعي
 ويعدّ هذا المحور مكملاً للصورة التي طُرحت في حركة بناء الفرد الذي يعد الاساس.  ويتكامل المجتمع من خلال المجموعات المكونة له  والمتمثلة  بالاسرة والمنظومة الاجتماعية  في المؤسسات المختلفة الثقافية منها والدينية والتركيبات المتنوعة  كالعشيرة والقرية والمحلة..الخ.

 سلط الضوء على هذا المحور كل من الدكتورة نبأ عبد الحسين التي  ركزت في حديثها  على مرحلة الطفولة التي تشكل القاعدة لعملية التغيير والبناء، ودعت انه لا بد من تبني وطرح مشاريع تنهض بهذ المسؤولية لانها تشكل القاعدة والضمانة المستقبلية لبناء العراق الجديد، عراق خالٍ من التناقضات والصراعات مع الالتفات الى دور الشباب والجيل الذي عانى من الكثير من المظالم والضغوط. كما شاركت الدكتورة ليلى أحمد عزت  في هذا المحور من خلال تسليط الضوء على شريحة كبيرة عانت وتعاني الكثير من حالات التمييز، الا وهي المرأة، وقد قدمت ورقة تفصيلية عن دور المراة الذي يمكن ان تلعبه في اعادة صياغة المجتمع وتأهيل ثقافة الخير والمحبة ، لانها المحرك للكثير من النشاطات والفعاليات، ومن خلال صيغ وافكار تسهم في كافة المفاصل والادوار فهي الام والاخت والزوجة والمربية اضافة الى ممارستها الكثير من الامور التي يمارسها الرجل ، فهي اكثر من نصف المجتمع في عطاءها. وقد وقع عليها الكثير من العنف مما قلل من فعاليتها في ممارسة الدور الحقيقي لها والذي يضع المجتمع مع اخيها الرجل في مساره الصحيح في مواجهة مختلف اشكال الانحراف والتخلف. فلا بد من اعادة الدور وبرامج التأهيل للمرأة لتكون اكثر فاعلية في حركة المجتمع وبناء العراق الجديد.

     اعقب ذلك حوارات ساخنة من المشاركين والحضور الكرام الذين حضروا الحلقة النقاشية والتي استفزت فيهم الافكار والتفاعل ضمن موضوع غاية في الاهمية والجرأة في الطرح ويحتاج الى المزيد من الحوار والمتابعة والمناقشة لانه يسهم في وضع الاطار الصحيح للحوار وفهم وتقبل الاخر والذي يحتاجه المثقف قبل الانسان العادي ليكون قادراً على تقبل الذات وتقبل الاخر في إطار من التسامح والمحبة.. وفي الختام تم التأكيد على تواصل هذا النهج والمنهج الذي يسعى المركز لتثبيته وإرسائه ضمن الرسالة  التي يسعى لتحقيقها في إطار علمي ومنهجي وتربوي سليم..

العودة الى صفحة الحلقات النقاشية